الليل وما أقساه !

ذات
المؤلف ذات
تاريخ النشر
آخر تحديث

الليل ليس ظلامًا فقط، بل هو مرآة تُظهر ضعفك وقوتك، يُذكِّرك بكل ما فقدتَ وكل ما تمنَّيتَ، ويجعلك تواجه الحقيقة التي تحاول الهروب منها.

أتدري كم أكره الليل؟!

في كلِّ يومٍ، يأتي الليل، وتهاجمني المواجع والآلام. بعد أن يسكن الجميع إلى بعضهم البعض، أبقى وحيدة، وسرعان ما أهرب إلى قلمي وكلماتي، كي أكتب إليك رسائل لا تقرؤها. أكتب لأملأ هذا الفراغ القاتل، ولأعيد إلى روحي بعضًا مما أخذته الوحدة. في تلك اللحظات، أكتشف كم أن الكلمات هي الرفيق الوحيد الذي يمكنه أن يمنحني قليلًا من السكينة، ولو كانت مؤقتة.

أكتب إليك، ولا تقرأ رسائلي. أزرع كلماتي في أرض الغياب، وأنتظر منها زهرًا لن يزهر. أكتب، ليس لأنك ستقرأ، بل لأن الكتابة هي الطريقة الوحيدة التي أُعيد بها ترتيب فوضاي، وأخفف بها عن قلبي الذي أثقله الحنين. ربما لن تقرأ تلك الرسائل، وربما لا أحد يقرأها، لكنها ستظلُّ شاهدةً على اللحظات التي لم يهزمني فيها الحزن، بل جعلت مني كاتبةً تخطُّ وجعها بصدق.

أكتب لأن الكتابة تمنحني الحياة، تمنحني الأمل، وإن لم يقرأها أحد. أكتب لنفسي، لأنني في حاجة إليها أكثر من أي وقتٍ مضى. فكل كلمة أكتبها تعيد إليّ جزءًا من روحي المفقودة في زحمة الأيام. أنا الكاتبة التي تسرق من الليل وجعه، لتحوِّله إلى حروفٍ تنزف على الورق، لكنها تُعيد الحياة إلى قلبي.

ومع ذلك، يظل الليل صديقًا مخلصًا. لا يخذلنا حين نبكي، ولا يحكم علينا حين نعترف بخوفنا. الليل قاسٍ، نعم، لكنه صادق. يعلِّمنا مواجهة أرواحنا، حتى وإن كانت تلك المواجهة مؤلمة. وفي نهايته، يبزغ الفجر، حاملًا وعدًا جديدًا. ربما لا يُشفى الوجع، لكن الضوء يُخفف حدَّته. ومع كل شروق شمس، نتعلم أن الليل، مهما كان قاسيًا... لا يدوم للأبد.

تعليقات

عدد التعليقات : 0