ربما في عُزلتي ألقاك!

ذات
المؤلف ذات
تاريخ النشر
آخر تحديث

أعلم أنك تراقبني بصمت، وأن هناك شيئًا في أعماقك يخبرك بأنك ترى فيَّ شيئًا أكبر من الكلمات. مشاعر تولدت دون إذن، وربما حاولت قمعها وإخفاءها حتى عن نفسك. ومع ذلك، لم أعد أملك القوة لمواصلة هذه اللعبة المرهقة. انتظرت كثيرًا، انتظرت شيئًا يشبه المعجزات، شيئًا يعيد للحياة لونها، انتظرت أن تأتي اللحظة التي تتفتح فيها الكلمات في أعماقنا، وتتحول إلى واقعٍ يلمس القلوب، لكنني علمت الآن أن هذا الانتظار قد يظل بلا نهاية، أو ربما بلا إجابة!

شعرت أني أسير بمفردي في طريق طويل خالٍ من المؤانسة، حيث لا صديق ولا ضوء يرشدني في عتمتي، وكأن روحي تتآكل ببطء، وكأن الوحدة أصبحت ثوبًا ثقيلًا يخنقني كلما حاولت التحرر منها. أحتاج الآن إلى الهروب، لا منك، ولكن من هذا العالم الذي لم يعد يمنحني سوى الخواء. عالم أصبح محمَّلًا بالأسئلة التي لا أجد لها إجابة، بالتساؤلات التي تبقى معلقة في الهواء ولا تمتلك الكلمات اللازمة لملء الفراغ الذي يتركه صمتها. وأريد أن أهرب إلى مكانٍ يمكنني فيه أن أكون أنا، بكل ضعفي وقوتي، بكل حزني وأملي، بكل ما تحمله روحي من مشاعر متضاربة.

وربما، في عزلتي، أجدك هناك، كما لو أن القدر يحمل لي شيئًا جديدًا، شيئًا يعيد ترتيب الفوضى. فالعزلة ليست هروبًا، بل هي محاولة لترتيب ما تبعثر. أحتاج أن أختلي بنفسي، أن أعيد لملمة أجزائي المتناثرة، أن أفهم لماذا أصبحت الأيام بهذا الثقل، ولماذا فقدت الأشياء بريقها. ربما سأكتشف أشياء عن نفسي كنت قد نسيتها أو تناسيتها، أسئلة حول ما أريده حقًا، حول ما يجعلني أشعر أنني على قيد الحياة. لا يعني هذا أنني أتركك وراء ظهري، بل أنني أترك كل شيء لرعاية الله، الذي يعلم ما في القلوب.

وربما في عُزلتي ألقاك، حيث تلتقي الأرواح في صمتٍ يفوق صخب العالم، وحيث تُفتح الأبواب التي طالما كانت مغلقة. قد أجد في عزلتي الطريق الذي يربطنا، أو ربما أجد أن الطريق لم يكن بعيدًا كما كنت أعتقد. في النهاية، لا يهم كم من الوقت مضى، ولا يهم كم من المشاعر عبرت، المهم هو أنني في هذه اللحظة، مع نفسي، أستطيع أن أرى بوضوح ما أحتاج إليه، وما الذي سيعيد لي الحياة التي كنت قد فقدتها.

تعليقات

عدد التعليقات : 0