ليته يعلم... أن كل حرف أنسجه بقلبي قبل قلمي يحمل شيئًا منه،
أن النصوص التي أكتبها ليست مجرد كلمات، بل رسائل خفية تحمل ملامحه، صوته، وروحه التي تسكنني دون إذن.
ليته يعلم...
أن كل شعور عشته بين السطور كان له،
وأن الأبطال الذين أحكي عنهم هم انعكاس لصورته،
وأن الحب الذي تفيض به كلماتي هو صدى لحضوره،
وأنني حين أكتب، إنما أكتب لأجله.
ليته يعلم...
أنني حين أبحث عن الإلهام، أجده في تفاصيله،
في طريقة حديثه التي تشبه لحنًا هادئًا،
وفي عينيه التي تختبئ خلفها عوالم من العمق والصدق.
أجد في سكونه حركة، وفي صمته حديثًا، وفي ابتسامته وعدًا.
ولكنه لا يعلم...
ولا أعلم إن كنت أريد له أن يعلم.
ربما الكلمات أقوى حين تظل سرًا،
وربما النقاء يكمن في أن تظل الرسالة صامتة،
تنتمي إليه دون أن يدرك أنها خلقت من أجله.
أحيانًا، يكون الاحتفاظ بالسر أرقى من الإفصاح عنه،
وأحيانًا يكون الحب الأجمل هو الذي لا يُعلن، بل يُحيا في صمت.
أخشى أن يكون اعترافه عائقًا أمام تلك المشاعر الجميلة التي أعيشها بين السطور.
أخشى أن تتحول الكلمات إلى أعباء ثقيلة لا يقدر على حملها،
أو أن يتحول ذلك السر الصامت إلى أمر مكشوف يغير من طبيعته.
أحلم أحيانًا أن يقرأ نصوصي دون أن يعرف أنه المعني بكل كلمة،
أن يشعر بما بين السطور دون أن يُدرك أنني أكتب له وحده.
ولكنه إذا علم، فهل سيشعر بما أحمله من مشاعر؟
هل سيجد نفسه في كل سطر، أم أنه سيراه مجرد كلام؟
هل سيقدر ذلك الحب الصامت، أم سيحتاج إلى أن يُعلن ليحيا؟
أعتقد أن بعض الأشياء الجميلة لا تحتاج إلى اعتراف، بل إلى أن تُحيا في خفاء،
أن تُترك لتنمو في القلب دون ضغوط أو توقعات.
أحيانًا أجد أن الحب في صمته أصدق، في غيابه أعمق،
وفي تفاصيله التي لا يراها أحد سوى القلوب المعنية، أسمى.
ولذلك، ربما أكون على صواب في أنني أكتب له في صمت،
أنني أحتفظ بتلك المشاعر لنفسي، وأغرق في بحرها دون أن أطلب منه شيئًا.
ليته يعلم...
أن كل حرف أحاول أن أكتبه يحمل له رسالة،
كل كلمة أسجلها بين يديّ هي إهداء له،
كل فكرة تنساب من عقلي هي قطعة صغيرة من روحي تتناثر في النصوص.
ليته يعلم...
أن الكتابة بالنسبة لي هي الوسيلة الوحيدة للتعبير عن حبي،
وأنني حين أكتب، فإنني أكتب له، حتى وإن كان لا يعلم.
لكن قد يكون من الأفضل أن يبقى في عالمه بعيدًا عن كل تلك المشاعر التي تسكنني،
ربما تكون مساحتي الخاصة التي أعيش فيها مع نفسي هي الأجمل،
وأحيانًا يكون الأجمل هو أن يبقى الحب في القلب دون أن يخرج إلى العلن.
ليته يعلم... أنه في كل حرف أكتبه، تشرق شمس جديدة في داخلي،
وأنني أظل أكتب له في صمت، لأن الكتابة هي طريقتي الوحيدة ليعرفني في صمت،
ويظل كل شيء كما هو، بلا ضجيج، بلا كلمات.