سأمضي… وأنا أتألّم، لا لأن الوجع خياري، بل لأنه ثمن القرارات التي لا تُشبه القلب.
سأرحل، لا لأنك تؤلمني، بل لأنني بتُّ أؤلم نفسي كلّما بقيت.
فلا تسألني إن كنتُ لا أزال أحبك، أو إن كان الحُب قد تلاشى حتى صار كرهًا…
فهذا سؤال لن تجد له جوابًا، لأنه بيني وبين نفسي فقط.
سؤال يُطرح في سكون الليل، في نظرة إلى السقف، في تنهيدة طويلة لا يسمعها أحد.
لم يكن القرار سهلًا…
أن أرحل عمّن أحبّ، أن أُكمل طريقي بخطى تبدو واثقة، بينما داخلي ينهار مع كلّ خطوة.
أن أقول "انتهى"، وقلبي لا يزال يتهامس بكلّ ما لم ينتهِ بعد.
لم أعد أبحث في قلبي عمّا تبقّى منك.
لا يهمّ إن كان الحب لا يزال حيًّا، أو تحوّل إلى رماد…
فالوجع لا يحتاج إلى تفسير، لا يُصنّف إلى حبّ أو كره، هو فقط… يأتي، ويستوطن.
وها أنا…
أبتعد بجسدي، وأحاول أن أُقنع روحي أن تلحقني، لكنها ما زالت تلتفت إلى الوراء…
ليس لأنك تستحق، بل لأن الذاكرة عنيدة، وبعض الفصول تُبقي أبوابها مفتوحة رغمًا عنّا.
لكنه لن يغيب تمامًا…
ليس لأنني ضعيفة، ولا لأنني عالقة، بل لأنك ستبقى دائمًا هناك، في الخلفية… عزيزًا على أعزّائي.
سيبقى اسمك يُقال على ألسنتهم، وتفاصيلك تتكرّر في يومهم، وستظل تلك "الحلقات الرفيعة" من الوصل تربطني بك رغم كلّ شيء.
سأراك في عيونهم حين يفرحون بحديثك، حين يذكرونك بفخر، حين يشتاقون إليك.
وأنا…
سأكتفي من البُعد بما يليق بكرامتي، وسأسمح للحنين أن يمرّ، لكن لن أسمح له أن يستوطن.
لن أكون أسيرة لما كان، لكنني لن أنكر أنه كان.
هو فصلٌ مضى، لكنه ترك أثره في صفحات العمر.