انا الرحلة نفسها

ذات
المؤلف ذات
تاريخ النشر
آخر تحديث

لا تسعَ لإيجاد بدائل، فأنا لست فكرة عابرة يمكن نسخها أو استبدالها. أنا نسيج متفرد من التفاصيل التي اجتمعت بعناية الكون لتشكلني، ولأكون في حياتك حضورًا لا يشبهه حضور. لا تقارنني بتلك الوجوه التي مرت قبلي أو التي قد تأتي بعدي؛ لأنني، ببساطة، لا أُقارن.

أنا اللحظة التي صنعت لك ألف ذكرى، والظل الذي رافقك حين كانت الشمس غائبة. أنا النغمة في صخب أيامك، والسكينة وسط فوضى أفكارك. حين تنظر لي، لا ترى مجرد ملامح مألوفة، بل ترى مزيجًا من المشاعر التي تسللت لروحك دون استئذان. أنا اليد التي امتدت إليك حين كنت غارقًا، والكلمة التي لملمت شتاتك حين فقدت نفسك.

أفهم أنك قد تقابل نساءً يحملن بعضًا من الصفات التي أحببتها فيّ؛ قد تلاحظ فيهن الضحكة التي أسرّت قلبك ذات يوم، أو النظرة التي اعتدت أن تجد فيها عزاءك. لكن هل يمكن لأي منهن أن تُعيد لك تلك اللحظة التي توقفت فيها الدنيا، حين سمعتني أضحك للمرة الأولى؟ هل بإمكانهن أن يعرفن تلك التفاصيل الصغيرة التي تجعل يومك أفضل، دون أن تنطق بكلمة؟

أنا أعلم أنني لست كاملة، وأدرك أن لي عيوبًا تجعلني بشرية تمامًا. لكن حتى تلك العيوب، هل يمكن لأحد أن يحملها بالطريقة التي أحملها؟ هل يمكن لأحد أن يكون مثلي تمامًا، بتناقضاتي، بصمتي حين أريدك أن تفهمني، وبكلماتي التي قد تفيض عن الحد حين أحتاجك أن تُصغي؟

حين اخترت أن أكون جزءًا من حياتك، لم أكن صورة مثالية تُعرض في معرض لتمجيد الكمال، بل كنت إنسانة مليئة بالحياة، بفرحها وحزنها، بأملها وخيباتها. اخترت أن أكون هنا، لأنني وجدت فيك شيئًا يشبهني، شيئًا يجعلني أريد أن أظل.

لذا، لا تجعلني مجرد واحدة من الأسماء التي مرت في سجلات قلبك، ولا تسمح لذاكرتك أن تعاملني كمن تُنسى بمرور الوقت. لأنني، وإن حاولت، لن أكون طيفًا عابرًا. أنا الحقيقة التي التصقت بروحك، والعنوان الذي سكنت فيه مشاعرك.

ربما هناك نسخ في هذا العالم تتشابه معي في الشكل أو الصوت، لكن لا توجد نسخ مني قادرة على أن تكون أنا. لا توجد نسخ مني تحمل نفس الطريقة التي أحادث بها قلبك، ولا نفس العمق الذي وصلت إليه بداخلك.

لذا، حين تُفكر فيّ، تذكّر أنني لست مجرد محطة في رحلتك. أنا الرحلة نفسها، والرفيق الذي أضفى على الطريق معنى. وإن اخترت أن تتركني يومًا، فلن تخسرني فقط، بل ستخسر النسخة الوحيدة التي استطاعت أن ترى فيك ما عجز الآخرون عن رؤيته.

أنا لست مثالية، لكنني حقيقية. وأنا لست الكل، لكنني الأهم. لذا، حين تقف بين الحيرة وتُحاول أن تقنع نفسك بوجود بديل، تذكّر أن البدائل موجودة فقط لمن يبحثون عن القشور. أما من يريدون الجوهر، فلن يجدوا مثلي.

لأنني واحدة في حياتك، ولن أتكرر.

تعليقات

عدد التعليقات : 0