كثيرًا ما نحاول أن نكون متسامحين، أن نفتح أبواب القلوب بكلمة طيبة، ونتفانى في التماس الأعذار للآخرين، نخترع المبررات، ونتجاوز حدود الغضب بحثًا عن السلام الداخلي. لكننا نجد أنفسنا أمام أشخاص لا يقدّرون هذه الجهود، وكأن قلوبنا الواسعة لا تعني لهم شيئًا، وكأن التسامح الذي منحناهم إياه قد تبخّر في الهواء. نعم، نحن القوم الذين التمسوا السبعين عذرًا، لكن برغم جهودنا، لم نجد تقديرًا أو إنصافًا في قلوبهم! كم هو مؤلم أن تمنح الفرص مرة تلو الأخرى، ثم تتفاجأ في النهاية بأن صبرك قد صار هباءً!
بالتأكيد، نحن لا نفعل ذلك ضعفًا، بل لأننا نؤمن بأن الناس يستحقون فرصة ثانية، ولأن التسامح جزء من إنسانيتنا. نؤمن بأن الرحمة والعطاء صفتان نبيلتان، لكن عندما نكتشف أنهم لا يستحقون، ندرك أن للتسامح حدودًا، وأن كرامتنا هي أغلى ما نملك.
قد يكون من الصعب أن نقول "كفى"، لكن أحيانًا يكون التوقف عن التماس الأعذار ضرورة لحماية أنفسنا من الاستنزاف. لقد منحنا ما يكفي من العفو، ومن الحب، ومن محاولات الفهم. فإذا لم نجد صدى لهذه المشاعر، فقد حان الوقت لنحمي كرامتنا من الخذلان. فليس كل من عذرناه يستحق التسامح.
الحقيقة أننا "القوم الذين التمسوا السبعين عذرًا"، لكننا تعلمنا أن لكل شيء حدًا. تعلمنا أن كرامتنا لا تُساوَم، وأن أرواحنا تستحق المحبة والتقدير. فلنكمل طريقنا حاملين تسامحنا بحكمة، مع إدراك أننا لسنا مجبرين على البقاء في دوامة من الاستغلال والتجاهل.
نحن نغفر، لكننا لا نسمح للخذلان بأن يصبح عادتنا.