حين أمسك بالقلم أو أضغط على حروف الكيبورد، لا أكتب مجرد كلمات مرصوصة على الورق، بل أكتب نفسي، أكتب أحاسيسي وتجربتي. إنها كل الأفكار التي تدور في داخلي، وكل المشاعر التي تتصادم في قلبي. الكتابة هي مرآة تعكس ذاتي بكل تفاصيلها، وأحيانًا تكشف أجزاء مني لم أكن أدركها حتى خرجت في هيئة كلمة أو جملة.
ولكن كيف تكون الكتابة لي ولك في آنٍ واحد؟ كيف يمكن أن يكون ما أكتبه جزءًا منك أنت أيضًا، الذي ربما لا تعرفني ولا تعرف تفاصيل حياتي؟
الإجابة تكمن في سحر الكلمات. الكتابة هي مساحة مشتركة نلتقي فيها نحن البشر، رغم اختلافاتنا وتباعد أماكننا. ففي كل نص أكتبه، أزرع بذورًا من مشاعري، وأنت عندما تقرأ كلماتي، قد تجد فيها انعكاسًا لتجاربك الخاصة. قد تلمس جملة جرحًا في قلبك لم يلتئم بعد، أو تفتح كلمة نافذة على ذكرى حلوة كانت منسية.
نحن، الكُتّاب والقراء، نكوّن معًا هذا الاتصال العجيب. كل كاتب يضع كلماته، لكنه لا يعلم كيف ستُقرأ، أو كيف ستُفهم، أو كيف ستُحدث في نفس الآخر صدى عميقًا. ربما تبتسم وأنت تقرأ سطرًا عن الحب، أو تدمع عيناك مع نص مؤلم، أو تجد في تعبير بسيط عزاءً لمشاعرك.
إنها علاقة فريدة، حيث تتحول تجربة خاصة إلى تجربة مشتركة. لهذا، كل كتاباتي هي أنا، ولكنها أيضًا جزء منك. ففيها تجد لمساتك، ملامحك، وحتى صمتك الذي يملأ الفراغات بين السطور.
الكتابة ليست مجرد وسيلة للتعبير، بل هي رابط يجمعنا جميعًا، تعبر عنا، وتعيد خلق تجاربنا، لتصير ذكرى مشتركة وأملًا جديدًا. الكتابة هي أنا وأنت في كل كلمة.
