وهم جميل

ذات
المؤلف ذات
تاريخ النشر
آخر تحديث

يبدو أني كنت أعيش داخل وهمٍ نسجته بنفسي، وهمٌ جميل لكنه مُرهق، يلمع كحلمٍ قصير ثم يترك وراءه فراغًا لا يُحتمل.

كنتُ أظن أن بيننا لغةً صامتة، لغة لا تحتاج إلى الكلمات ولا إلى براهين؛ تكفيها النظرات والسكوت الطويل. أقنعتُ نفسي أن صمته يشبه صمتي، وأن قلبه يردد ذات النغمة التي تئن في داخلي.

لكن الحقيقة أكثر قسوة. الحقيقة أن عقلي هو من اخترع الحكاية، وصاغ تفاصيلها، وصدّقها كأنها واقع. كنتُ أنا التي تعيش قصةَ حبٍّ كاملة، بينما هو يعيش حياته ببساطةٍ وهدوء، كأنه لم يلتقط أيَّ خيطٍ من تلك الروح التي رميتُ بها نحوه.

أكثر ما يجعلني أفيق من وهمي دهشتُه الدائمةُ مني؛ نظراتُ الاستغراب التي تفضح أنني وحدي من يمشي في هذا الطريق. لو كان في داخله شيءٌ مما شعرتُ به، لو كان هناك أثرٌ خفيٌّ يربطه بروحي، ما كان ليستغرب حضوري، أو يُفاجأ بعمق نظرتي، أو يَدهش من كلمةٍ خرجت مني بلا قصد.

أنا فقط التي نسجتُ الخيطَ من العدم، أنا فقط من سمعتُ الصدى في الفراغ، أنا فقط من أسكنتُ قلبه ما لم يسكنه يومًا.

يبدو أن الحب هنا لم يكن سوى مرآة… مرآةٌ أرى فيها نفسي متورطةً في وهمٍ أهرب به من الواقع، وأواجه به فراغ الروح.

ومع ذلك… ورغم مرارة الاعتراف، يبقى في داخلي حنينٌ لخيالٍ لم يوجد أبدًا، لكنه منحني لحظاتٍ شعرتُ فيها أني حيّةٌ أكثر مما كنت.

تعليقات

عدد التعليقات : 0