رسالة إلى قلبك !

ذات
المؤلف ذات
تاريخ النشر
آخر تحديث




أعلم أنك متوجس مني خيفة، الخوف شعور قديم، يسكن في أعماق النفس الإنسانية، وكثيرًا ما يأتي في لحظات غير متوقعة، ليضع حاجزًا بين الأرواح التي قد تكون قريبة أكثر مما تظن. ربما يكون هذا التوجس انعكاسًا لتجربة ماضية، أو حذرًا غريزيًا يفرضه العقل كوسيلة لحماية الذات.

لكن، أود أن أطمئنك، لا شيء يدعو للخوف مني. ما أحمله لك هو الكلمات، لا السلاح. أحمل فكرة، لا تهديد. أمد يدي برسالة صادقة، لا نوايا خفية.

أتفهّم أن التوجس هو حصن قد يبنيه الإنسان حول نفسه ليحمي قلبه من الانكشاف، ولكن ماذا لو كان هذا الحصن يحجب عنا فرصة جميلة؟ ماذا لو كان هذا الحاجز بيننا يعيق لحظة من الفهم المشترك، أو لحظة من الراحة التي قد نجدها في وجود الآخر؟

في كثير من الأحيان، نميل إلى بناء جدران عالية حول أنفسنا، جدران تكون حاجزًا بيننا وبين العالم الخارجي. نحن نعيش في خوف دائم من الألم، من الخيانة، من الخذلان. نشعر بأن حماية أنفسنا أمر ضروري، فتبدأ تلك الجدران في النمو، وتصبح جزءًا من حياتنا اليومية، حتى ننسى كيف كانت الحياة من قبل دونها. لكنها تظل تمثل خطرًا علينا أيضًا، لأنها لا تسمح لنا بالتواصل الحقيقي مع الآخرين. فالخوف والحذر ليسا دائمًا أعداء، ولكن قد يصبحان كذلك إذا جعلنا منهما حواجز تحول دون الفرص التي تنتظرنا.

لكن ماذا لو كان هذا الحذر الذي نأخذه مع الآخرين هو ما يعطل قوتنا الحقيقية؟ ماذا لو أننا بالفعل في حاجة إلى فتح قلوبنا والاقتراب من الآخر بدلاً من البقاء في منطقتنا الآمنة التي يطوقها الخوف؟ الإنسان بطبعه اجتماعي، يسعى للتواصل، للبحث عن معاني مشتركة، ولإيجاد أوجه التشابه بينه وبين من حوله. لكن عندما نضع الخوف أولًا، نصبح مثل جزيرة معزولة، لا نعرف عن الآخرين إلا من خلال تصورنا الخاص، الذي غالبًا ما يكون محملاً بالمشاعر السلبية.

أدعوك لتهدم هذا الجدار، ولو للحظة قصيرة. انظر بعينيك، لا بخوفك. افتح قلبك لفكرة أن من أمامك ليس خصمًا، بل ربما يكون صديقًا لم تعرفه بعد، أو مرآة قد ترى فيها ذاتك بطريقة جديدة. الحياة مليئة بالفرص التي لا تأتي دائمًا في الأوقات التي نتوقعها. بعض هذه الفرص قد تأخذ شكل شخص آخر، أو فكرة جديدة، أو لحظة من الفهم التي قد تغير كل شيء في لحظة واحدة. ولكن إذا كنت متوجسًا، خائفًا، لا شيء سيتغير. تذكر أن كل لحظة تظل تسير في مسارها الخاص، والفرص لا تنتظر كثيرًا. التوجس والقلق قد يحولان بينك وبين الإمكانيات الحقيقية التي قد تكون في انتظارك.

الخوف يقتل الفرص قبل أن تولد، والتوجس يغلق أبوابًا قد تقودنا إلى عوالم أوسع. لذا، دع هذا الشعور جانبًا، ولو للحظة، وانظر للعالم من زاوية مختلفة. قد تجد أن ما كنت تخافه كان في الحقيقة ما تحتاج إليه. أحيانًا، يكون الشخص الذي تتجنب الاقتراب منه هو نفسه الذي يحمل مفتاح فهمك أو يساعدك في تجاوز المحن.

يجب أن تتعلم كيف تتوقف عن العيش في خوف مستمر من الآخرين، من المستقبل، من المجهول. فكلما سمحت لهذا الشعور بأن يتحكم فيك، كلما أضعت جزءًا من حياتك وأنت في مكانك دون تقدم. ولكن عندما تنفتح على الآخرين، عندما تكون قادرًا على تقبل فكرة أن العالم ليس مكانًا يجب أن تخاف منه، ستكتشف أن الخوف هو وهم، يختبئ خلف الأبواب المغلقة التي صنعناها بأيدينا.

ختامًا، أقول لك: ليس كل ما يبدو مقلقًا يحمل خطرًا، وأحيانًا يكون التوجس هو انعكاس لما نحمله نحن بداخلنا، لا ما يأتينا من الآخر. هل تستطيع أن تزيل عن قلبك ما علق به من قلق وتفتح أبوابًا جديدة لإمكانيات قد تكون مجهولة الآن، لكنها ستغير حياتك إلى الأفضل؟ لن تجد ذلك إلا إذا قررت أن تخوض المغامرة وتكسر قيود الخوف التي تضعها بنفسك.

من الممكن أن تجد الراحة في الاندماج مع الآخرين دون أن تحمل معك أحكامًا مسبقة. من الممكن أن تجد في قلبك مكانًا مفتوحًا للآخرين، وأن تبني علاقات مبنية على الثقة بدلًا من التوجس. المفتاح الوحيد لهذه العلاقة هو أن تفتح قلبك، وأن تدع الخوف يبتعد عنك، لتحصل على فرصة حقيقية للعيش بسعادة وراحة.

فهل تمنحني فرصة أن أكون جزءًا من حكايتك؟

تعليقات

عدد التعليقات : 1
  • غير معرف10 ديسمبر 2024 في 2:41 م

    استخدام الكلمات الخاصة بكِ دايما بيبهرني

    إضافة ردحذف التعليق

    » ردود هذا التعليق